للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِلْمِهِمْ بِحَالِهِ، وَرَغْبَتِهِمْ فِي الْقَدْحِ بِهِ. وَمَعَ كَمَالِ الدَّاعِي وَالْقُدْرَةِ، يَجِبُ وُجُودُ الْمَقْدُورِ، فَلَمَّا كَانَ دَاعِيهُمْ تَامًّا، وَلَمْ يَقْدَحُوا، عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لِعَجْزِهِمْ. وَعَجْزُهُمْ عَنِ الْقَدْحِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِحَالِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّمْهُ مِنْ بَشَرٍ.

وَمِنْهَا: أَنْ يُقَالَ: مِثْلُ هَذَا لَوْ وَقَعَ لَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، بَلْ كَانَ الْمُتَّبِعُونَ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ إِذَا اطَّلَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُشِيعُوهُ وَيُعْلِنُوهُ، فَكَيْفَ الْمُخَالِفُونَ لَهُ، الْمُكَذِّبُونَ لَهُ؟ فَإِنَّ الْقَوْمَ الْمُتَفَرِّقِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَوَاطَئُوا، كَمَا لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى تَعَمُّدِ الْكَذِبِ، فَلَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى كِتْمَانِ مِثْلِ ذَلِكَ، بَلْ يَجْتَهِدُ الْمُلُوكُ وَالرُّؤَسَاءُ فِي إِخْفَاءِ مَا يُبْطِنُونَهُ مِنْ أَمْرِ مُلْكِهِمُ الَّذِي بَنَوْهُ عَلَيْهِ، وَيُحَلِّفُونَ أَوْلِيَاءَهُمْ عَلَى كِتْمَانِ ذَلِكَ، وَيَبْذُلُونَ لَهُمُ الرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ يَظْهَرُ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ الْقَرَامِطَةُ الْبَاطِنِيَّةُ، مَنْ أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>