للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِصَّةِ هُودٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ، وَبَعْضِ التَّفَاصِيلِ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى؛ مِثْلُ تَكْلِيمِ الْمَسِيحِ فِي الْمَهْدِ، وَمِثْلُ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَمِثْلُ إِيمَانِ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَيَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذَا تَعَلَّمَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَوْمُهُ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، بَلْ قَدْ أَرَاهُمْ وَغَيْرَهُمْ آثَارَ الْمُنْذَرِينَ الَّذِينَ عَاقَبَهُمُ اللَّهُ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ، كَقَوْمِ عَادٍ وَثَمُودَ، وَغَيْرِهِمْ.

فَيَسْتَدِلُّ النَّاسُ بِالْآثَارِ الْمَوْجُودَةِ عَلَى صِدْقِ الرُّسُلِ، وَعُقُوبَةِ اللَّهِ لِمَنْ يُكَذِّبُهُمْ. وَيَسْتَدِلُّ قَوْمُهُ وَغَيْرُهُمْ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ يَتَعَلَّمْهَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِتَصْدِيقِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَهُ فِيمَا وَافَقَهُمْ فِيهِ، مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّمْ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَيَكُونُ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ شَيْئًا كَمَا قَدْ يَظُنُّهُ بَعْضُهُمْ، وَذَلِكَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَمِنْهَا: أَنَّ أَكْثَرَ قَوْمِهِ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ عَدَاوَةً لَهُ، وَحِرْصًا عَلَى تَكْذِيبِهِ وَالطَّعْنِ فِيهِ، وَبَحْثًا عَمَّا بِهِ يَقْدَحُونَ فِيهِ. فَلَوْ كَانَ قَدْ تَعَلَّمَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ مِنْ بَشَرٍ لَكَانُوا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَيَقْدَحُونَ بِهِ فِيهِ وَيُظْهِرُونَهُ، وَلَكَانَ هَذَا مِمَّا يَظْهَرُ أَعْظَمَ مِمَّا ظَهَرَ غَيْرُهُ. فَلَمَّا لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنَ الْقَدْحِ بِهِ فِيهِ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>