بِمَكَّةَ، وَلَيْسَ بِهَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لَا الْيَهُودِ وَلَا النَّصَارَى، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَبِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ ; قَيْنُقَاعَ وَالنَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ، وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا بِقَدْرِ نِصْفِ أَهْلِهَا، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُمْ - أَيْضًا - يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْغُيُوبِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ فَيُخْبِرُهُمْ بِهَا، وَيَتْلُو عَلَيْهِمْ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْغَيْبِ، وَمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ، وَيَتْلُو عَلَيْهِمْ هَذَا الْغَيْبَ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَيُبَيِّنُ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمُهُ ذَلِكَ، لَمْ يُعْلِمْهُ إِيَّاهُ بَشَرٌ، فَآمَنَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَفَرَتْ بِهِ طَائِفَةٌ أُخْرَى، وَالطَّائِفَتَانِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا تَعَلَّمَهُ مِنَّا أَوْ مِنْ إِخْوَانِنَا أَوْ نُظَرَائِنَا، وَلَا إِنَّكَ قَرَأْتَهُ فِي كُتُبِنَا. مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ تَعَلَّمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لَكَانَ شُيُوخُهُ مِنْهُمْ، وَشُيُوخُهُمْ إِذَا عَلِمُوا أَنَّهُ كَاذِبٌ تَعَلَّمَهُ مِنْهُمْ، يَمْتَنِعُ أَنْ يُصَدِّقُوهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، بَلْ تَصْدِيقُهُمُ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ، وَعِلْمُهُمْ بِكَذِبِ مَنِ ادَّعَى نُزُولَ كِتَابٍ ثَانٍ وَقَدْ تَعَلَّمَ مِنْهُمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُبَيِّنُوا أَمْرَهُ، وَيُظْهِرُوا كَذِبَهُ، وَيَقُولُوا لِلنَّاسِ تَعَلَّمَ مِنَّا، نَحْنُ أَخْبَرْنَاهُ بِذَلِكَ، لَا سِيَّمَا مَعَ مَا فَعَلَهُ بِالْيَهُودِ مِنَ الْقَتْلِ وَالْحِصَارِ وَالْجَلَاءِ وَالسَّبْيِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَهَذَا لَوْ وَقَعَ، لَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، يَنْقُلُهُ الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ، فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ، وَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مَعَ مَا أَظْهَرَهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي عَلِمَهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute