للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَفْسُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْقُرْآنُ فِي بَابِ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، أَمْرٌ عَجِيبٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ، لَمْ يُوجَدْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ بَشَرٍ، لَا نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِ نَبِيٍّ.

وَكَذَلِكَ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ الْمَلَائِكَةِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَالْجِنِّ وَخَلْقِ آدَمَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَنَفْسُ مَا أَمَرَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنَ الدِّينِ، وَالشَّرَائِعِ كَذَلِكَ، وَنَفْسُ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الْأَمْثَالِ، وَبَيَّنَهُ مِنَ الدَّلَائِلِ هُوَ - أَيْضًا - كَذَلِكَ.

وَمَنْ تَدَبَّرَ مَا صَنَّفَهُ جَمِيعُ الْعُقَلَاءِ فِي الْعُلُومِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْخُلُقِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَجَدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَاءَ فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ - التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَصُحُفِ الْأَنْبِيَاءِ - وَجَدَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْقُرْآنِ مِنَ التَّفَاوُتِ أَعْظَمَ مِمَّا بَيْنَ لَفْظِهِ وَنَظْمِهِ، وَبَيْنَ سَائِرِ أَلْفَاظِ الْعَرَبِ وَنَظْمِهِمْ.

فَالْإِعْجَازُ فِي مَعْنَاهُ أَعْظَمُ وَأَكْثَرُ مِنَ الْإِعْجَازِ فِي لَفْظِهِ، وَجَمِيعُ عُقَلَاءِ الْأُمَمِ عَاجِزُونَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ مَعَانِيهِ أَعْظَمَ مِنْ عَجْزِ الْعَرَبِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ لَفْظِهِ. وَمَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ: وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ مِثْلُ الْقُرْآنِ، لَا يُقْدَحُ فِي الْمَقْصُودِ، فَإِنَّ تِلْكَ كُتُبُ اللَّهِ - أَيْضًا - وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْتِيَ نَبِيٌّ بِنَظِيرِ آيَةِ نَبِيٍّ، كَمَا أَتَى الْمَسِيحُ بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَقَدْ وَقَعَ إِحْيَاءُ الْمَوْتَى عَلَى يَدِ غَيْرِهِ؛ فَكَيْفَ وَلَيْسَ مَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مُمَاثِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>