للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ مَنِ ابْتَدَعَ كَثِيرًا مِنْ عِبَادَاتِهِمْ أَكَابِرِهِمْ. وَأَمَّا انْتِفَاعُ الْعِبَادِ بِهَا، فَهَذَا يُعْرَفُ بِثَمَرَاتِهَا وَنَتَائِجِهَا وَفَوَائِدِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ آثَارُهَا فِي صَلَاحِ الْقُلُوبِ. فَلْيَتَدَبَّرِ الْإِنْسَانُ عُقُولَ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْلَاقَهَمْ، وَعَدْلَهَمْ، يَظْهَرُ لَهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ. ثُمَّ صِفَاتُ عِبَادَاتِهِمْ فِيهَا مِنَ الْكَمَالِ، وَالِاعْتِدَالِ، كَالطَّهَارَةِ، وَالِاصْطِفَافِ، وَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَاسْتِقْبَالِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي هُوَ إِمَامُ الْخَلَائِقِ، وَالْإِمْسَاكُ فِيهَا عَنِ الْكَلَامِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْخُشُوعِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَاسْتِمَاعِهِ الَّذِي يُظْهِرُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ لِكُلِّ مُتَدَبِّرٍ مُنْصِفٍ، إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَظْهَرُ بِهَا فَضْلُ عِبَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عِبَادَاتِ غَيْرِهِمْ. وَأَمَّا حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحُدُودِ وَالْحُقُوقِ فَلَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ فَضْلُهُ. حَتَّى إِنَّ النَّصَارَى فِي طَائِفَةٍ مِنْ بِلَادِهِمْ يُنَصِّبُونَ لَهُمْ مَنْ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِشَرْعِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَرْعٌ يَحْكُمُ بِهِ النَّاسُ. وَلَيْسَ فِي الْإِنْجِيلِ حُكْمٌ عَامٌّ، بَلْ عَامَّتُهُ، وَإِنَّمَا فِيهِ الْأَمْرُ بِالزُّهْدِ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَهُوَ مِمَّا يَأْمُرُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَيْضًا. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كَوْنِ الْمُسْلِمِينَ مُعْتَدِلِينَ مُتَوَسِّطِينَ بَيْنَ الْيَهُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>