كَالرَّازِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَتَنَازَعُوا: هَلْ يُمْكِنُ خَلْقُ ذَلِكَ عَلَى يَدِ كَذَّابٍ؟ فَقِيلَ: لَا يُمْكِنُ لِأَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ لَجَازَ وُقُوعُهُ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ مَقْدُورٌ لَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ كَمَا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَثِيرًا مِنَ الْخَوَارِقِ الْمَقْدُورَاتِ كَقَلْبِ الْجَبَلِ يَاقُوتًا، وَالْبَحْرِ زَيْتًا.
قَالُوا: فَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مَقْدُورَةً مُمْكِنَةً أَنْ لَا يُعْلَمَ انْتِفَاءُ وُقُوعِهَا، بَلْ قَدْ يُعْلَمُ عَدَمُ وُقُوعِهَا بِالِاضْطِرَارِ، وَإِنْ كُنَّا نَقُولُ إِنَّهَا مُمْكِنَةٌ مَقْدُورَةٌ، وَظُهُورُ الْمُعْجِزَاتِ عَلَى يَدِ الْكَذَّابِ فِي دَعْوَى النُّبُوَّةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدَنَا.
وَقَالُوا: الْمُعْجِزُ عَلَمٌ عَلَى صِدْقِ الْأَنْبِيَاءِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ غَيْرَ مُسْتَلْزِمٍ لِلْمَدْلُولِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ حَقٌّ لَكِنْ مُنَازِعُوهُمْ يَقُولُونَ: هُوَ يَسْتَلْزِمُ نَقِيضَ مَا نَفَوْهُ مِنْ كَوْنِ اللَّهِ يَخْلُقُ شَيْئًا لِشَيْءٍ، وَيَخْلُقُ شَيْئًا بِشَيْءٍ، وَمَا قَالُوا مِنْ كَوْنِهِ يَجُوزُ عَلَيْهِ فِعْلُ كُلِّ شَيْءٍ، وَكَانَ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْحَقِّ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ يَعْلَمُونَ مَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ حِكْمَةِ الرَّبِّ وَمُرَادِهِ بِمَا يَخْلُقُهُ لِأَمْرٍ آخَرَ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَفْعَلَ أَشْيَاءَ لَا يَجُوزُ مِنْهُ فِعْلُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ هُنَا: قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مُمْكِنًا جَائِزًا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ كَانْقِلَابِ الْجِبَالِ يَاقُوتًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute