للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبَحْرِ زِئْبَقًا، وَمَوْتِ أَهْلِ الْبَلَدِ كُلِّهِمْ فِي لَحْظَةٍ، وَمَصِيرِ الْأَطْفَالِ عُلَمَاءَ حُكَمَاءَ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ يَعْتَمِدُونَ كَثِيرًا، كَمَا يَذْكُرُهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَأَبُو الْمَعَالِي، وَالرَّازِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الْعَقْلِ أَنَّهُ عُلُومٌ ضَرُورِيَّةٌ كَالْعِلْمِ بِوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ، وَامْتِنَاعِ الْمُمْتَنِعَاتِ، وَجَوَازِ الْجَائِزَاتِ، فَالْمُمْتَنِعَاتُ كَانْقِلَابِ دِجْلَةَ دَمًا، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ، فَيَجْعَلُونَ الْعَادَاتِ وَاجِبَةً تَارَةً، وَمُمْتَنِعَةً أُخْرَى، مَعَ أَنَّهُ لَا سَبَبَ يُوجِبُ لَا هَذَا وَلَا هَذَا.

وَيَقُولُونَ: نَعْلَمُ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ مُمْكِنٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبَبٍ، وَلَا لَهُ مَانِعٌ كَالْآخَرِ، ثُمَّ نَعْلَمُ أَنَّ هَذَا وَاقِعٌ، وَهَذَا غَيْرُ وَاقِعٍ لِمُجَرَّدِ الْعَادَةِ، مَعَ أَنَّ خَرْقَ الْعَادَةِ لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُمْ ضَابِطٌ، بَلْ كُلُّ مَا يَجْرِي مِنَ الْعَادَاتِ مُعْجِزَاتٌ لِلْأَنْبِيَاءِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ لِلْوَلِيِّ وَلِلسَّاحِرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُمُ التَّحَدِّي أَوْ عَدَمُ الْمُعَارَضَةِ، وَكَذَلِكَ الْمُتَفَلْسِفَةُ الْمَلَاحِدَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: أَسْبَابُ الْآيَاتِ الْقُوَى الْفَلَكِيَّةُ، وَالْقُوَى النَّفْسَانِيَّةُ وَالطَّبِيعِيَّةُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مُشْتَرَكَةٌ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالسَّحَرَةِ لَكِنَّ النَّبِيَّ يَقْصِدُ الْخَيْرَ وَالْعَدْلَ، وَالسَّاحِرَ يَقْصِدُ الشَّرَّ وَالظُّلْمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>