للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوَلُّدَ الذُّنُوبِ الْكِبَارِ عَنِ الصِّغَارِ. قَالَ: وَهَكَذَا هَجَمَتْ عِبَادَةُ الْأَصْنَامِ فِيمَا سَلَفَ لَمَّا أَكْرَمَ النَّاسُ أَشْخَاصًا يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَوْقَ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَنْبَغِي، الْأَحْيَاءَ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتَ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا - أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: ٥٦ - ٥٧] .

قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: كَانَ أَقْوَامٌ يَدْعُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ كَالْعُزَيْرِ وَالْمَسِيحِ وَغَيْرِهِمَا، فَبَيَّنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ هَؤُلَاء عِبَادُهُ كَمَا أَنْتُمْ عِبَادُهُ، يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ كَمَا تَرْجُونَ رَحْمَتَهُ، وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ كَمَا تَخَافُونَ عَذَابَهُ، وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ كَمَا تَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ - وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٧٩ - ٨٠] .

فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ يَتَّخِذُ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا فَهُوَ كَافِرٌ مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: أَنَّ جَمِيعَ الْمَلَائِكَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>