وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ وَصُولُ الْمَعَانِي بِهِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِ لِسَانِهِ أَيْسَرَ لِكَمَالِ مَعْنَاهُ وَلِكَثْرَةِ الْعَارِفِينَ بِهِ وَهَؤُلَاءِ عُلَمَاءُ النَّصَارَى يَقْرَءُونَ كُتُبَ الطِّبِّ وَالْحِسَابِ وَالْفَلْسَفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ مَعَ أَنَّ مُصَنِّفِيهَا كَانُوا عَجَمًا مِنْ رُومِيٍّ وَيُونَانِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ وَتَفْسِيرُهُ وَحَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللِّسَانِ الْعِبْرِيِّ مَعَ أَنَّهُ أُخِذَ عَنِ الرَّسُولِ بِالْعَرَبِيِّ فَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يُعْرَفَ بِهِ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ النَّاسُ لَهُمْ فِي عَدْلِ اللَّهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ كُلُّ مَا يَكُونُ مَقْدُورًا فَهُوَ عَدْلٌ وَقِيلَ: الْعَدْلُ مِنْهُ نَظِيرُ الْعَدْلِ مِنْ عِبَادِهِ وَهُمَا قَوْلَانِ ضَعِيفَانِ وَقِيلَ: مِنْ عَدْلِهِ أَنْ يَجْزِيَ الْمُحْسِنَ بِحَسَنَاتِهِ لَا يُنْقِصُهُ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا يُعَاقِبُهُ بِلَا ذَنْبٍ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا أُمِرَ الْعَبْدُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ جَائِزًا بِاتِّفَاقِ طَوَائِفِ أَهْلِ الْمِلَلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مَكْرُوهًا لِلْإِنْسَانِ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ وَقَدْ كُلِّفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَالنَّصَارَى مِنَ الْأَعْمَالِ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ لَهُمْ وَشَاقٌّ عَلَيْهِمْ فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ وَيَنْهَاهُمْ بِلُغَةٍ يُبَيِّنُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ مَعْنَاهَا لَهُمْ وَالْعَرَبُ الَّذِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِمْ طَبَّقُوا الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ نَصَارَى لَا يُحْصَوْنَ فَكُلُّ مَنْ عُرِفَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ النَّصَارَى أَمْكَنَهُ فَهْمُ مَا يُقَالُ بِالْعَرَبِيِّ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ رُومِيًّا كَانَ لَهُ أُسْوَةً مَنْ أَسْلَمَ مِنْ سَائِرِ طَوَائِفِ الْأَعَاجِمِ كَالْفُرْسِ وَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَالْبَرْبَرِ وَالْحَبَشَةِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَالْعَمَلِ بِهِ كَمَا يُمَكَّنُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ بَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute