الرُّومُ أَقْدَرُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلِأَيِّ وَجْهٍ يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْمُرَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ إِذَا كَانَ مَقْدُورًا لِلْعَبْدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَإِنَّمَا تَنَازَعَ النَّاسُ فِيهِ هَلْ يُسَمَّى وَاجِبًا فَقِيلَ يُسَمَّى وَاجِبًا وَقِيلَ لَا يُسَمَّى وَاجِبًا، فَإِنَّ الْآمِرَ لَمْ يَقْصِدْهُ بِالْأَمْرِ وَقَدْ لَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ مَخْلُوقًا.
قَالَ هَؤُلَاءِ: وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ مَا يُذَمُّ تَارِكُهُ شَرْعًا أَوْ يُعَاقَبُ تَارِكُهُ شَرْعًا أَوْ مَا يَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الذَّمَّ أَوْ مَا يَكُونُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِلذَّمِّ أَوِ الْعِقَابِ وَقَالُوا وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ لَا يَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ، فَإِنَّ الْحَجَّ إِذَا وَجَبَ عَلَى شَخْصَيْنِ أَحَدُهُمَا بَعِيدٌ وَالْآخَرُ قَرِيبٌ وَلَمْ يَفْعَلَاهُ لَمْ تَكُنْ عُقُوبَةُ الْبَعِيدِ عَلَى التَّرْكِ أَعْظَمَ مِنْ عُقُوبَةِ الْقَرِيبِ مَعَ أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ قَطْعِهَا أَكْثَرُ.
وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَيْسَتْ عُقُوبَتُهُ عَلَى التَّرْكِ بِأَقَلَّ مِنْ عُقُوبَةِ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى بَيْعِ مَالٍ لَهُ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ.
وَفَصْلُ الْخِطَابِ أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ هُوَ مِنْ لَوَازِمِ وُجُودِ الْوَاجِبِ وَوُجُودُ الْمَلْزُومِ بِدُونِ لَازِمِهِ مُمْتَنِعٌ فَالْمَأْمُورُ بِهِ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ إِلَّا بِلَوَازِمِهِ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ لَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ إِلَّا بِتَرْكِ مَلْزُومَاتِهِ لَكِنَّ هَذَا الْمَلْزُومَ لُزُومٌ عَقْلِيٌّ أَوْ عَادِيٌّ فَوُجُوبُهُ وُجُوبٌ عَقْلِيٌّ عَادِيٌّ لَا أَنَّ الْآمِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute