للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤَاخِذُهُ بِذَنْبِ آدَمَ وَهُوَ أَبُوهُ الْأَبْعَدُ، هَذَا لَوْ قُدِّرَ أَنَّ آدَمَ لَمْ يَتُبْ فَكَيْفَ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ؟ ثُمَّ يَزْعُمُونَ أَنَّ الصَّلْبَ الَّذِي هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا بِهِ خَلَّصَ اللَّهُ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ مِنْ عَذَابِ الْجَحِيمِ وَبِهِ عَاقَبَ إِبْلِيسَ مَعَ أَنَّ إِبْلِيسَ مَا زَالَ عَاصِيًا لِلَّهِ مُسْتَحِقًّا لِلْعِقَابِ مِنْ حِينِ امْتَنَعَ مِنَ السُّجُودِ لِآدَمَ وَوَسْوَسَ لِآدَمَ إِلَى حِينِ مَبْعَثِ الْمَسِيحِ وَالرَّبُّ قَادِرٌ عَلَى عُقُوبَتِهِ وَبَنُو آدَمَ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمْ فِي ذَنْبِ أَبِيهِمْ فَمَنْ كَانَ قَوْلُهُمْ مِثْلَ هَذِهِ الْخُرَافَاتِ الَّتِي هِيَ مَضَاحِكُ الْعُقَلَاءِ وَالَّتِي لَا تَصْلُحُ أَنْ تُضَافَ إِلَى أَجْهَلِ الْمُلُوكِ وَأَظْلَمِهِمْ فَكَيْفَ يَدَّعُونَ مَعَ هَذَا أَنَّهُمْ يَصِفُونَ اللَّهَ بِالْعَدْلِ وَيَجْعَلُونَ مِنْ عَدْلِهِ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ الْإِنْسَانَ بِتَعَلُّمِ مَا يَقْدِرُ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَفِيهِ صَلَاحُ مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ وَيَجْعَلُونَ مِثْلَ هَذَا مُوجِبًا لِتَكْذِيبِ كِتَابِهِ وَرُسُلِهِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى تَبْدِيلِ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَتَكْذِيبِ الْكِتَابِ الْآخِرِ وَعَلَى أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مُخَالَفَةَ مُوسَى وَعِيسَى وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ؟ .

وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُمُ اللَّاهُوتُ وَالنَّاسُوتُ جَمِيعًا إِنَّمَا مَكَّنَ الْكُفَّارَ مِنْ صَلْبِهِ لِيَحْتَالَ بِذَلِكَ عَلَى عُقُوبَةِ إِبْلِيسَ قَالُوا: فَأَخْفَى نَفْسَهُ عَنْ إِبْلِيسَ لِئَلَّا يُعْلَمَ وَمَكَّنَ أَعْدَاءَهُ مِنْ أَخْذِهِ وَضَرْبِهِ وَالْبُصَاقِ فِي وَجْهِهِ وَوَضْعِ الشَّوْكِ عَلَى رَأْسِهِ وَصَلْبِهِ وَأَظْهَرَ الْجَزَعَ مِنَ الْمَوْتِ وَصَارَ يَقُولُ يَا إِلَهِي لِمَ سَلَّطْتَ أَعْدَائِي عَلَيَّ لِيَخْتَفِيَ بِذَلِكَ عَنْ إِبْلِيسَ فَلَا يَعْرِفُ إِبْلِيسُ أَنَّهُ اللَّهُ أَوِ ابْنُ اللَّهِ وَيُرِيدُ إِبْلِيسُ أَنْ يَأْخُذَ رُوحَهُ إِلَى الْجَحِيمِ كَمَا أَخَذَ أَرْوَاحَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>