وَلَا مُرَاعَاةِ عَدْلٍ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِقَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَدْلُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ عَادِلٌ مُنَزَّهٌ عَنِ الظُّلْمِ، وَلَكِنْ لَيْسَ عَدْلُهُ كَعَدْلِ الْمَخْلُوقِ فَهَذِهِ أَقْوَالُ النَّاسِ الثَّلَاثَةُ.
فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ جَازَ أَنْ يُسَلِّطَ إِبْلِيسَ عَلَى جَمِيعِ الذُّرِّيَّةِ بِلَا ذَنْبٍ وَأَنْ يُعَاقِبَهُمْ جَمِيعًا بِلَا ذَنْبٍ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إِلَى الْحِيلَةِ عَلَى إِبْلِيسَ.
وَإِنْ قِيلَ بِالثَّانِي: فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَ النَّاسِ لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَ مَمَالِيكِهِ أَمَرَ غَيْرَهُ بِذَنْبٍ يَكْرَهُهُ السَّيِّدُ فَفَعَلَهُ كَانَ الْعَدْلُ مِنْهُ أَنْ يُعَاقِبَ الْآمِرَ وَالْمَأْمُورَ جَمِيعًا.
وَأَمَّا تَسْلِيطُهُ لِلْآمِرِ عَلَى عُقُوبَةِ الْمَأْمُورِ فَلَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ وَكَذَلِكَ تَسْلِيطُ الْآمِرِ الظَّالِمِ عَلَى جَمِيعِ ذُرِّيَّةِ الْمَأْمُورِ الَّذِينَ لَمْ يُذْنِبُوا ذَنْبَ أَبِيهِمْ لَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ.
وَإِنْ قِيلَ: بَلْ هُوَ اسْتَحَقَّ أَنْ يَسْتَعْبِدَهُمْ لِكَوْنِ أَبِيهِمْ أَطَاعَهُ قِيلَ: فَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَأْسِرَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ حَقِّهِ بِالِاحْتِيَالِ عَلَيْهِ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُمْ خَطَايَاهُمْ قِيلَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ.
وَإِنْ قِيلَ: هُوَ لَمَّا طَلَبَ أَخْذَ رُوحِ نَاسُوتِ الْمَسِيحِ مَنَعَ بِهَذَا الذَّنْبِ قِيلَ: هَذَا إِنْ كَانَ ذَنْبًا فَهُوَ أَخَفُّ ذُنُوبِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَاسُوتُ الْإِلَهِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الرَّجُلُ أَنْ يَسْتَرِقَّ أَوْلَادَ غَيْرِهِ فَطَلَبَ رَجُلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute