وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ كَتَبَهَا عَلَيْهِمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ نَفْسِهِ وَلَا أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمُ ابْتَدَعُوهَا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِهِ كَمَا يُظَنُّ هَذَا وَهَذَا بَعْضُ الْغَالِطِينَ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
وَذَكَرَ أَنَّهُمُ ابْتَدَعُوا الرَّهْبَانِيَّةَ وَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَدْحٌ لَهُمْ بَلْ هُوَ ذَمٌّ ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: {فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} [الحديد: ٢٧] وَهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ وَلَوْ أُرِيدَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْمَسِيحِ أَيْضًا فَالْمُرَادُ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى دِينِهِ الَّذِي لَمْ يُبَدَّلْ وَإِلَّا فَكُلُّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ بِالْمَسِيحِ وَبِكُلِّ حَالٍ فَلَمْ يَمْدَحْ سُبْحَانَهُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَ الْمَسِيحَ عَلَى دِينِهِ الَّذِي لَمْ يُبَدَّلْ وَمَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمْدَحِ النَّصَارَى الَّذِينَ بَدَّلُوا دِينَ الْمَسِيحِ وَلَا الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: " {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحديد: ٢٧] " عَطْفٌ عَلَى " رَأْفَةً " " وَرَحْمَةً " وَإِنَّ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً أَيْضًا ابْتَدَعُوهَا وَجَعَلُوا الْجَعْلَ شَرْعِيًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute