للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَمْدُوحًا، قِيلَ هَذَا غَلَطٌ لِوُجُوهٍ.

مِنْهَا: أَنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ لَمْ تَكُنْ فِي كُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ بَلِ الَّذِينَ صَحِبُوهُ كَالْحَوَارِيِّينَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ رَاهِبٌ وَإِنَّمَا ابْتُدِعَتِ الرَّهْبَانِيَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَإِنَّهَا جُعِلَتْ فِي قَلْبِ كُلِّ مَنِ اتَّبَعُهُ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُمُ ابْتَدَعُوا الرَّهْبَانِيَّةَ بِخِلَافِ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَبْتَدِعُوهَا وَإِذَا كَانُوا ابْتَدَعُوهَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَعَهَا لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الْجَعْلُ الشَّرْعِيُّ الدِّينِيُّ لَا الْجَعْلُ الْكَوْنِيُّ الْقَدَرِيُّ فَلَمْ تَدْخُلِ الرَّهْبَانِيَّةُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْجَعْلَ الْخُلُقِيَّ الْكَوْنِيَّ فَلَا مَدْحَ لِلرَّهْبَانِيَّةِ فِي ذَلِكَ.

وَمِنْهَا أَنَّ الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ جَعَلَهَا فِي الْقُلُوبِ وَالرَّهْبَانِيَّةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْقُلُوبِ بَلِ الرَّهْبَانِيَّةُ تَرْكُ الْمُبَاحَاتِ مِنَ النِّكَاحِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - هَمُّوا بِالرَّهْبَانِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَهْيَهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: ٨٧] وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ لَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ: أَمَّا أَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>