للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ وَلَمْ يَقُومُوا بِوَاجِبَاتِهَا بَلْ أَخَذُوا مِنْهَا مَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ فَكَانَ كُفْرُهُمْ وَذَمُّهُمْ أَغْلَظَ مِمَّنْ هُوَ أَقَلُّ شَرًّا مِنْهُمْ وَالنَّارُ دَرَكَاتٌ كَمَا أَنَّ الْجَنَّةَ دَرَجَاتٌ.

وَأَيْضًا فَاللَّهُ تَعَالَى إِذَا كَتَبَ شَيْئًا عَلَى عِبَادِهِ لَمْ يَكْتُبِ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِهِ بَلِ الْعِبَادُ يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُونَ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ.

وَأَيْضًا فَتَخْصِيصُ الرَّهْبَانِيَّةِ بِأَنَّهُ كَتَبَهَا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهَا تَخْصِيصٌ بِغَيْرِ مُوجِبٍ، فَإِنَّ مَا كَتَبَهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ كَتَبَهُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِهِ فَكَيْفَ بِالرَّهْبَانِيَّةِ؟ .

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَا فَعَلُوهَا إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَهَذَا الْمَعْنَى لَوْ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَدْحٌ لِلرَّهْبَانِيَّةِ، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ مَا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ بَلْ نَهَاهُ عَنْهُ مَعَ حُسْنِ مَقْصِدِهِ، غَايَتُهُ أَنْ يُثَابَ عَلَى قَصْدِهِ لَا يُثَابُ عَلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ وَلَا عَلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُسْتَحَبٍّ فَكَيْفَ وَالْكَلَامُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: ٢٧] وَلَمْ يَقُلْ مَا فَعَلُوهَا إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ وَلَا قَالَ: مَا ابْتَدَعُوهَا إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا فَعَلُوهَا أَوْ مَا ابْتَدَعُوهَا إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>