للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلُ هَذَا هُوَ خِطَابُ الْمُشْرِكِينَ لِمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيَ لَا لِمَنْ جَاءَ رَسُولًا مِنْ عِنْدِ رَسُولٍ، وَقَدْ قَالَ بَعْدَ هَذَا: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [يس: ٣٠] .

وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الرُّسُلِ الَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا مِنْ عِنْدِ رُسُلِهِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ هَذَا مَثَلًا لِمَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَذِّرُهُمْ أَنْ يَنْتَقِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ ; كَمَا انْتَقَمَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَمُحَمَّدٌ إِنَّمَا يُضْرَبُ لَهُ الْمَثَلُ بِرَسُولٍ نَظِيرِهِ لَا بِمَنْ أَصْحَابُهُ أَفْضَلُ مِنْهُمْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا أَفْضَلُ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ بَعْدَ الْمَسِيحِ رَسُولًا بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ الزَّمَانَ زَمَانَ فَتْرَةٍ كَقَوْلِهِ: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} [المائدة: ١٩] وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ قَالَ - تَعَالَى -: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [يس: ١٤] .

وَلَوْ كَانُوا رُسُلَ رَسُولٍ لَكَانَ التَّكْذِيبُ لِمَنْ أَرْسَلَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِمْ: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا شُبْهَةً، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ رُسُلُ رُسُلِ اللَّهِ بَشَرًا وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ بَشَرًا، وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>