للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّكْذِيبُ لَهُمَا وَهُمَا رُسُلُ الرَّسُولِ لَأَمْكَنَهُمَا أَنْ يَقُولَا: فَأَرْسِلُوا إِلَى مَنْ أَرْسَلَنَا أَوْ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ صِدْقَنَا فِي الْبَلَاغِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَا رُسُلَ اللَّهِ وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ} [يس: ١٤] صَرِيحٌ فِي أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُرْسِلُ وَمَنْ أَرْسَلَهُمْ غَيْرُهُ إِنَّمَا أَرْسَلَهُمْ ذَلِكَ لَمْ يُرْسِلْهُمُ اللَّهُ ; كَمَا لَا يُقَالُ لِمَنْ أَرْسَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ رُسُلُ اللَّهِ فَلَا يُقَالُ لِدِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ وَأَمْثَالِهِمَا مِمَّنْ أَرْسَلَهُمُ الرَّسُولُ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ رُسُلَهُ إِلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ ; كَمَا أَرْسَلَ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ إِلَى قَيْصَرَ وَأَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ إِلَى كِسْرَى وَأَرْسَلَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ ; كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي هَؤُلَاءِ: إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُمْ وَلَا يُسَمُّونَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ رُسُلَ اللَّهِ وَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَالَ هَؤُلَاءِ دَاخِلُونَ فِي قَوْلِهِ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} [الحديد: ٢٥] .

فَإِذَا كَانَتْ رُسُلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَنَاوَلْهُمُ اسْمُ رُسُلِ اللَّهِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذَا الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ رُسُلَ رَسُولٍ غَيْرِهِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَمَا أَرَادَهُ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - بِقَوْلِهِ: {إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ} [يس: ١٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>