فَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَشْهَدُونَ عَلَيْهِمْ بِتَحْرِيفِهَا وَتَبْدِيلِهَا ; كَمَا يَشْهَدُونَ هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى الْيَهُودِ بِتَحْرِيفِ كَثِيرٍ مِنْ مَعَانِي التَّوْرَاةِ وَتَبْدِيلِ أَحْكَامِهَا وَإِنْ كَانُوا هُمْ وَالْيَهُودُ يَقُولُونَ إِنَّ التَّوْرَاةَ لَمْ تُحَرَّفْ أَلْفَاظُهَا.
وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْفَعُهُمْ بَقَاءُ حُرُوفِ الْكُتُبِ عِنْدَهُمْ مَعَ تَحْرِيفِ مَعَانِيهَا إِلَّا ; كَمَا يَنْفَعُ الْيَهُودَ بَقَاءُ حُرُوفِ التَّوْرَاةِ وَالنُّبُوَّاتِ عِنْدَهُمْ مَعَ تَحْرِيفِ مَعَانِيهَا بَلْ جَمِيعُ النُّبُوَّاتِ الَّتِي يُقِرُّونَ بِهَا هِيَ عِنْدَ الْيَهُودِ، وَهُمْ مَعَ الْيَهُودِ يَنْفُونَ عَنْهَا التُّهَمَ وَالتَّبْدِيلَ لِأَلْفَاظِهَا مَعَ أَنَّ الْيَهُودَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْخَلْقِ كُفْرًا وَاسْتِحْقَاقًا لِعَذَابِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُمْ عِنْدَ النَّصَارَى الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَشَرٌّ مِنْهُمْ، فَإِنَّ النَّصَارَى مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنَ الْيَهُودِ وَكَذَلِكَ الْيَهُودُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنَ النَّصَارَى بَلْ جَمِيعُ الْأُمَمِ الْمُخَالِفِينَ لِلْمُسْلِمِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ وَالطَّوَائِفِ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَشَهَادَتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ لَا تُقْبَلُ فَصَارَ هَذَا اتِّفَاقُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى تَفْضِيلِ دِينِ الْإِسْلَامِ.
فَعُلِمَ أَنَّ بَقَاءَ حُرُوفِ الْكِتَابِ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنِ اتِّبَاعِ مَعَانِيهَا وَتَحْرِيفِهَا لَا يُوجِبُ إِيمَانَ أَصْحَابِهَا وَلَا يَمْنَعُ كُفْرَهُمْ.
وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ شَهَادَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتِهِ لِلْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِنْجِيلِ فِي تَثْبِيتِ مَا عِنْدَ النَّصَارَى بِأَعْظَمَ مِنْ شَهَادَةِ الْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْحَوَارِيِّينَ وَسَائِرِ مَنِ اتَّبَعَهُ لِمُوسَى وَلِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ فِي تَثْبِيتِ مَا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute