لَعَرَفُوا أَنَّهُ قَدْ غَيَّرَ الْمُصْحَفَ، لِحِفْظِهِمْ لِلْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَابِلُوهُ بِمُصْحَفٍ، وَأَنْكَرُوا ذَلِكَ.
وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَقْدِرُ الْإِنْسَانُ مِنْهُمْ أَنْ يَكْتُبَ نُسَخًا كَثِيرًا مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَيُغَيِّرُ بَعْضَهَا، وَيَعْرِضُهَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ، وَلَا يَعْرِفُونَ مَا غَيَّرَ مِنْهَا إِنْ لَمْ يَعْرِضُوهُ عَلَى النُّسَخِ الَّتِي عِنْدَهُمْ.
وَلِهَذَا لَمَّا غَيَّرَ مَنْ نَسَخَ التَّوْرَاةَ رَاجَ ذَلِكَ عَلَى طَوَائِفَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا التَّغْيِيرَ.
(وَأَيْضًا فَالْمُسْلِمُونَ لَهُمُ الْأَسَانِيدُ الْمُتَّصِلَةُ بِنَقْلِ الْعُدُولِ الثِّقَاتِ لِدَقِيقِ الدِّينِ كَمَا نَقَلَ الْعَامَّةُ جَلِيلَهُ، وَلَيْسَ هَذَا لِأَهْلِ الْكِتَابِ) .
وَأَيْضًا فَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ كُتُبَهُمْ مَكْتُوبَةٌ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لِسَانًا هُوَ أَقْرَبُ إِلَى التَّغْيِيرِ مِنَ الْكِتَابِ الْوَاحِدِ بِاللُّغَةِ الْوَاحِدَةِ; فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَحْفَظُهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُغَيِّرَهُ.
وَأَمَّا الْكُتُبُ الْمَكْتُوبَةُ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لِسَانًا فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ بِبَعْضِ الْأَلْسِنَةِ غُيِّرَ بَعْضُ مَا فِيهَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ سَائِرُ أَهْلِ الْأَلْسُنِ الْبَاقِيَةِ، بَلْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ سَائِرُ أَهْلِ النُّسَخِ الْأُخْرَى فَالتَّغْيِيرُ فِيهَا مُمْكِنٌ كَمَا يُمْكِنُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ.
وَمَا ادَّعَوْهُ مِنْ تَعَذُّرِ جَمْعِ جَمِيعِ النُّسَخِ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute