كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد ومالا يعلمه غيره، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب فجعلها زينة وحفظا تحفظ من الشياطين، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش فذلك حين يقول {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ويقول {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}.
وروى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: خلق الله الأرض قبل السماء، فلما خلقت ثار منها دخان فذلك قوله {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} فسواهن سبع سموات بعضهن فوق بعض وسبع أرضين بعضهن فوق بعض.
وقال البغوي في تفسيره عند قوله تعالى {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} قال قتادة والسدي يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها. وقال مقاتل وأوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي وذلك يوم الخميس والجمعة. انتهى.
وفي الآيات التي ذكرنا مع حديث ابن عباس رضي الله عنهما وما ذكر بعده من الآثار عن الصحابة والتابعين دليل على أن الأرض خلقت قبل السماء وما فيها من الشمس والقمر والنجوم. بل في حديث ابن عباس رضي الله عنهما النص على أن الشمس والقمر والنجوم خلقت يوم الجمعة وهو آخر الأيام الستة التي خلق الله فيها الخليقة، وفي هذا أبلغ رد على ما زعمه طواغيت الافرنج من انفصال الأرض عن الشمس لأن المتقدم في الخلق لا يكون منفصلا عما هو مخلوق بعده، ثم ليس في المعقول الصحيح ما يؤيد ما زعموه من انفصال الأرض عن الشمس فليس لهم على ما زعموه من الانفصال دليل البتة لا من المنقول ولا من المعقول.