الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى زمننا كلهم مجمعون على القول بجريان الشمس في الفلك تصديقا لما أخبر الله به في كتابه، وما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة، ولم يقل أحد منهم بثبات الشمس واستقرارها لا في القديم ولا في الحديث، والعبرة بهم لا بغيرهم.
ومن حاد عن منهاج الصحابة والتابعين من الفلكيين وغيرهم، فهو من الجهال لا من العلماء ولا عبرة به.
الوجه الثاني أن يقال إن الذين سبقوا إلى القول بثبات الشمس واستقرارها هم فيثاغورس اليوناني وأتباعه في القديم، وكوبرنيك البولوني وهرشل الإنجليزي وأتباعهما من فلاسفة الإفرنج في الحديث، وهؤلاء ليسوا من المسلمين فضلا عن أن يكونوا من العلماء الأعلام.
وزَعْمُ الصواف أنهم من المسلمين، ومن العلماء الأعلام لا أساس له من الصحة، وإنما هو تمويه وتلبيس على الجهلة الأغبياء.
الوجه الثالث أن الصواف قد جمع في كلامه بين النقيضين فقال في الترجمة ما نصه (سكون الشمس وجريانها) وهذا تناقض لا يصدر من عاقل لأن السكون ينافي الجريان.
الوجه الرابع أن كلام الصواف يوهم أن الفلكيين المنتسبين إلى الإسلام في القديم كانوا يقولون بثبات الشمس واستقرارها، وهذا كذب عليهم لأن الفلكيين قبل ظهور أهل الهيئة الجديدة كانوا على القول بثبات الأرض واستقرارها وجريان الشمس وسيرها، وأول من قال بخلاف ذلك هو كوبرنيك البولوني في أثناء القرن العاشر من الهجرة وتبعه على ذلك من كان بعده من فلاسفة الإفرنج، ولما كان في القرن الرابع عشر من الهجرة كثر المقلدون