وقال تعالى {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} الآية. والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا.
ثانيهما أن الذي يدور على محوره مع ثباته في موضعه لا يوصف بالجريان وإنما يوصف بالدوران فقط. والله تبارك وتعالى قد وصف الشمس بصفات لا تنطبق على ما هو ثابت في موضعه ودائر على محوره فوصفها بالجريان والدؤوب في ذلك والسبح في الفلك والطلوع والغروب والدلوك والتزاور. وأخبر أنه يأتي بها من المشرق. وكذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد وصفها بالجريان والطلوع والارتفاع والاستواء والزوال والدنو من المغرب والغروب والذهاب إلى مستقرها تحت العرش إذا غربت ورجوعها بعد ذلك إلى مطلعها، وأخبر أنها حبست ليوشع بن نون حين حاصر القرية حتى فتحها الله عليه، وهذه الصفات لا تنطبق على ما هو ثابت في موضعه ودائر على محوره كالمروحة السقفية الكهربائية وإنما تنطبق على ما هو سائر على الدوام.
وبما ذكرنا يتضح بطلان ما حاوله المقلدون لأهل الهيئة الجديدة من حمل الآية الكريمة على زعمهم الباطل.
وههنا أمران ينبغي التنبيه عليهما. أحدهما أن لفظ الدوران لفظ مشترك لأنه يطلق على ما يدور على نفسه وهو ثابت في موضعه كالمراوح الكهربائية. ويطلق على ما يجري ويدور في شيء متسع جدا كالشمس والقمر والنجوم التي تجري في الفلك وتدور على الأرض، فمن جعل جريانها في الفلك ودورانها على الأرض مثل دوران المراوح الكهربائية فقد غلط غلطا فاحشا، ومن فرق بينها وبين ما يدور على نفسه وهو ثابت في موضعه فقد أصاب.