إلا بهن، قال فنقر لي بإصبعه، قال: فقال مجاهد: "يدمن كذلك كما نقر" قال: "فالحسبان والفلك يصيران إلى شيء واحد غير أن الحسبان في الرحى والفلك في المغزل".
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى بعد ما ذكر هذا الأثر عن مجاهد:"قوله: لا تدوم إلا به، أي لا تدور إلا به، ومنه الدُّوامة بالضم والتشديد، وهي فلكة يرميها الصبي بخيط، فتدوم على الأرض أي تدور، ومنه تدويم الطير وهو تحليقه ودورانه في طيرانه ليرتفع إلى السماء، وقوله فنقر بإصبعه يعني نقر بها في الأرض، وأدارها ليشبه بذلك دوران الفلك". انتهى.
وروى ابن جرير عن مجاهد {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} قال هو مثل قوله {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ومثل قوله {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ}.
وقال ابن كثير عند قوله تعالى في سورة الأنبياء {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}: أي يدورون، قال ابن عباس رضي الله عنهما يدورون كما يدور المغزل في الفلكة، قال مجاهد فلا يدور المغزل إلا بالفلكة ولا الفلكة إلا بالمغزل، كذلك النجوم والشمس والقمر لا يدورون إلا به ولا يدور إلا بهن كما قال تعالى {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.
وقال ابن كثير أيضا في تفسير سورة يس:"وقوله تبارك وتعالى {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} يعني الليل والنهار والشمس والقمر كلهم يسبحون أي يدورن في فلك السماء، قاله ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة والضحاك والحسن وقتادة وعطاء الخراساني، قال ابن عباس رضي الله عنهما وغير واحد من السلف في فلكة كفلكة المغزل، وقال مجاهد: الفلك كحديد الرحى أو كفلكة المغزل لا يدور المغزل إلا بها ولا تدور إلا به".
وقال أبو حيان في تفسيره: "قال مجاهد: الحسبان الفلك المستدير شبهه بحسبان