من الصحابة الذين هم خير العصور ولا التابعين ولا تابعيهم بإحسان ولا أئمة العلم والهدى من بعدهم أن الشمس ثابتة، وأنها تدور حول نفسها كما تدور المروحة السقفية الكهربائية، وأن مستقرها هو محورها الذي تدور عليه، ومن زعم أن أحدا منهم قال بهذا القول الباطل فهو مفتر أثيم. وقد قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} قال أبو قلابة: هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة.
وقد سبق للصواف أن أورد آيات من القرآن وألحد فيها، حيث تأولها على غير تأويلها، وحملها على ما هو مفتون به من آراء الإفرنج وتخرصاتهم وظنونهم الكاذبة، ومن كان جريئا على الإلحاد في آيات الله وتحريف الكلم عن مواضعه فغير مستبعد منه أن يفتري على مجاهد وغيره من السلف الصالح ويقول عليهم ما لم يقولوه ولا يحتمله كلامهم.
الوجه الحادي عشر أن مجاهدًا إنما أراد بالحسبان الفلك الذي تجري فيه الشمس والقمر والنجوم ولم يرد به المحور الذي زعمه الصواف تبعا لأئمته أهل الهيئة الجديدة، فروى ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كثير أنه سمع مجاهدًا يقول {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} قال النجوم والشمس والقمر فلك كفلكة المغزل، وقال مثل ذلك الحسبان يعني حسبان الرحى وهو سفودها القائم الذي تدور عليه، وكان مجاهد يفسر قوله تعالى {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} بهذا. قال مجاهد:"ولا يدور المغزل إلا بالفلكة ولا تدور الفلكة إلا بالمغزل، ولا يدور الحسبان إلا بالرحى، ولا تدور الرحى إلى بالحسبان". قال: فكذلك النجوم والشمس والقمر هي في فلك لا يَدُمْنَ إلا به، ولا يدوم