مثل ما قيل في الشمس، فمن قال أن للشمس محورًا تدور عليه وهي ثابتة في مكانها كما تدور المروحة السقفية على محورها، وأن ذلك المحور هو الحسبان الذي ذكره الله في كتابه، فلازم قوله أن يكون للقمر محور يدور عليه، وهو ثابت في مكانه، كما تدور المروحة السقفية على محورها، وهذا ما لا محيد للصواف عنه، وهو من أبطل الباطل كما أن التفريق بين الشمس والقمر فيما جمع الله بينهما فيه من أبطل الباطل أيضا.
والتفريق بينهما هو الذي عليه أهل الهيئة الجديدة من فلاسفة الإفرنج وأتباعهم من العصريين المفتونين بآرائهم وتخرصاتهم وظنونهم الكاذبة.
ومثل هؤلاء الذين يفرقون بين ما جمع الله بينه كمثل اليهود يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.
الوجه الثالث عشر أن يقال قد تبين لمن له أدنى علم وفهم أن الصواف قد افترى على مجاهد وعلى العلماء الذين زعم أنهم قالوا إن الشمس ثابتة وأنها تدور حول نفسها، كما تدور المروحة السقفية على محورها، وأن مستقرها هو محورها الذي تدور عليه.
وحينئذ فقوله (وهل يجد القارئ الكريم فرقا بين المثل الذي ضربته وهو المروحة حيث تتحرك وهي ثابتة، وبين ما قاله مجاهد ومثَّله بالرحا حيث تتحرك كذلك حول نفسها وهي ثابتة بمكانها).
جوابه أن يقال الفرق بينهما واضح جلي، أما مجاهد فإنه شبه الفلك الذي تجري فيه الشمس والقمر والنجوم ويدرن فيه على الأرض بفلكة المغزل وحسبان الرحى؛ لأن كلا من الفلك والفلكة والحسبان يدار عليه، فهذا وجه تشبيه مجاهد وغيره من السلف للفلك بفلكة المغزل وحسبان الرحى.