وأما الصواف فإنه زعم أن الحسبان هو المحور الذي تدور عليه الشمس وهي ثابتة في مكانها كما تتحرك المروحة السقفية على محورها، وهذا القول الذي ذهب إليه الصواف لا أصل له من كتاب ولا سنة، ولا قاله أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة العلم من بعدهم، وإنما قاله أهل الهيئة الجديدة من فلاسفة الإفرنج ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من العصريين المفتونين بآرائهم وتخرصاتهم وظنونهم الكاذبة.
ومجاهد رحمه الله تعالى أجل قدرا من أن يقول بهذا القول الباطل المخالف لكتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه الرابع عشر قد تقدم أن مجاهدًا قال في قوله تعالى {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}: للنجوم والشمس والقمر فلك كفلكة المغزل، وقال: مثل ذلك الحسبان يعني حسبان الرحى، وهو سفودها القائم الذي تدور عليه، قال: ولا يدور المغزل إلا بالفلكة ولا تدور الفلكة إلا بالمغزل ولا يدور الحسبان إلا بالرحى ولا تدور الرحى إلى بالحسبان، قال: فكذلك النجوم والشمس والقمر هي في فلك لا يدمن إلا به ولا يدوم إلا بهن.
وإذا كان مجاهد قد جمع بين الشمس والقمر والنجوم في تفسير الفلك والحسبان ولم يفرق بينها، فإنه يلزم على قول الصواف أن يكون مجاهد يرى أن كلاً من الشمس والقمر والنجوم له محور يدور عليه وهو ثابت في مكانه، كما تدور المروحة السقفية الكهربائية على محورها وهي ثابتة في سقفها، وهذا ما لا محيد للصواف عنه، وحينئذ فلا بد للصواف ومن قال بقوله من أحد أمرين: أحدهما أن يلزموا مجاهدا بهذا القول الباطل الذي لم يقل به أحد من المسلمين فضلا عن مجاهد، وإما أن يرجعوا عما افتروه على مجاهد في تخصيص الشمس بالثبات في مكانها دون القمر والنجوم.