وقول جميل الزهاوي في تصغير الأرض وتحقيرها، وفي تسمية الأدلة من الكتاب والسنة ظواهر ظنية، وأنها تؤول أو تفوض - قد ذكره في كتابه الفجر الكاذب، وهذا نص كلامه.
قال: "وأما ما تمسكت به الوهابية من النقول التي تثبت الإشارة إليه تعالى فهي ظواهر ظنية لا تعارض اليقينيات فتؤول إما إجمالا ويفوض تفصيلها إلى الله كما عليه أكثر السلف. وإما تفصيلا كما هو رأي الأكثرين. فما ورد من الإشارة إليه في السماء محمول على أنه تعالى خالق السماء وأن السماء مظهر قدرته لما اشتملت عليه من العوالم العظيمة التي لم تكن أرضنا الحقيرة إلا ذرة بالنسبة إليها. وكذلك العروج إليه تعالى هو بمعنى العروج إلى موضع يتقرب إليه بالطاعة فيه. إلى غير ذلك من التأويلات) انتهى كلامه. وقد رد عليه الشيخ العلامة سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى فأجاد وأفاد.
وقول جميل في تصغير الأرض وتحقيرها هو مما أخذه عن فلاسفة الإفرنج المتأخرين. وأما تسميته لأدلة الكتاب والسنة ظواهر ظنية وأنها تؤول أو تفوض فهو مما أخذه عن أهل الكلام الباطل الذي ذمه السلف وحذروا منه ومن أهله.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى. والرازي يطعن في دلالة الأدلة اللفظية على اليقين وفي إفادة الأخبار العلم وهذان مقدمتان الزندقة والتوقف في دلالتها شك يقتضي كفر المتوقف وقد قال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فنفى الله الإيمان عمن لم يحكم الرسول وعمن وجد في نفسه حرجا من حكمه. وتأويلها بما يخالف ظاهرها وما دلت عليه تكذيب لها فهو من تحريف الكلم عن مواضعه من جنس تأويل القرامطة الباطنية الذي اتفق