سلف الأمة وأئمتها على ذمه وصاحوا بأهله من أقطار الأرض ورموا في آثارهم بالشهب. وقد صنف الإمام أحمد كتاباً في الرد على هؤلاء وسماه الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله انتهى.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في (إغاثة اللهفان) ومن حيله ومكائده الكلام الباطل والآراء المتهافتة والخيالات المتناقضة التي هي زبالة الأذهان ونحاتة الأفكار والزبد الذي يقذف به القلوب المظلمة المتحيرة التي تعدل الحق بالباطل والخطأ بالصواب. قد تقاذفت بها أمواج الشبهات. ورانت عليها غيوم الخيالات. فمركبها القيل والقال. والشك والتشكيك وكثرة الجدال ليس لها حاصل من اليقين يعول عليه. ولا معتقد مطابق للحق يرجع إليه. يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. فقد اتخذوا لأجل ذلك القرآن مهجورا. وقالوا من عند أنفسهم فقالوا منكرا من القول وزورا. فهم في شكهم يعمهون. وفي حيرتهم يترددون. نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون. واتبعوا ما تلته الشياطين على ألسنة أسلافهم من أهل الضلال فهم إليه يحاكمون. وبه يخاصمون. فارقوا الدليل. واتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل.
ثم قال رحمه الله تعالى ومن كيده بهم وتحيله على إخراجهم من العلم والدين. أن ألقى على ألسنتهم أن كلام الله ورسوله ظواهر لفظية لا تفيد اليقين. وأوحى إليهم أن القواطع العقلية والبراهين اليقينية في المناهج الفلسفية والطرق الكلامية فحال بينهم وبين اقتباس الهدى واليقين من مشكاة القرآن. وأحالهم على منطق يونان. وعلى ما عندهم من الدعاوي الكاذبة العرية عن البرهان وقال لهم تلك علوم قديمة صقلتها العقول والأذهان. ومرت عليها القرون