والأزمان. فانظر كيف تلطف بكيده ومكره حتى أخرجهم من الإيمان كإخراج الشعرة من العجين انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وإذا علم هذا فليعلم أيضاً أن الصواف قد سلك مسلك جميل الزهاوي وقلده فيما زعمه من تصغير الأرض وتحقيرها وتسمية الأدلة من الكتاب والسنة ظواهر ظنية وأنها تؤول أو تفوض. وجميل الزهاوي قد سار خلف فلاسفة الإفرنج المتأخرين وخلف أهل الأهواء والبدع المضلين. فهو عيال على هؤلاء وأولئك كما أن الصواف عيال عليه وعليهم {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} وقد قال الله تعالى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَاوِيلًا} قال البغوي في قوله {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} أي إلى كتاب الله وإلى رسوله ما دام حيا وبعد وفاته إلى سنته. والرد إلى الكتاب والسنة واجب إن وجد فيهما فان لم يوجد فسبيله الاجتهاد.
وقال ابن كثير في قوله تعالى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} قال مجاهد وغير واحد من السلف أي إلى كتاب الله وسنة رسوله.
قلت قد رواه ابن جرير في تفسيره عن مجاهد وميمون بن مهران وقتادة والسدي.
قال ابن كثير وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ}. فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق. وماذا بعد الحق إلا الضلال. ولهذا قال تعالى {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ