رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} قال أبو قلابة هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة.
وقال تعالى {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ} والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا.
وروى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير والبغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار» قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
الوجه الثاني أن الصواف لم يقف خاشعا متذكرا أمام معجزة القرآن العلمية كما زعم ذلك وإنما وقف خاشعا متذكرا أمام هذيان الفلكيين وتخرصاتهم الوهمية وبحوثهم الجهلية عن جرم القمر والأرض. وكلامه الذي ذكرنا في أول الفصل أعظم شاهد عليه بذلك.
وأما قوله فإن ظلام جرم القمر لم يكن معروفا أيام نزول الآية عند الأمم إلا أفرادا قليلين من علماء الفلك. وأن حمو جرمه أولا وزواله بالبرودة ثانيا ما عرف إلا في هذا العهد الأخير.
فجوابه من وجوه أحدها أن يقال أما السواد الذي في القمر فقد جاء فيه أقوال عن بعض الصحابة والتابعين. قال ابن الجوزي في تفسيره عند قوله تعالى {فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ} فيه قولان أحدهما أن آية الليل القمر ومحوها ما في بعض القمر من الاسوداد. وإلى هذا المعنى ذهب علي وابن عباس رضي الله عنهم في آخرين. والثاني آية الليل محيت بالظلمة التي جعلت ملازمة لليل فنسب المحو إلى الظلمة إذ كانت تمحو الأنوار وتبطلها ذكره ابن الأنباري.