الوجه الثاني: أن البروج في السماء كما هو منصوص عليه في مواضع من القرآن؛ قال الله تعالى {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} وقال تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} وقال تعالى {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}.
وإذا كانت البروج في السماء, فمن أبطل الباطل أن يقال إن للأرض مدارا واقعا في تلك البروج, وأن الأرض تقطعها كلها في السنة.
الوجه الثالث: أنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام» رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة من الصحابة, وهم: عبد الله بن عمرو وأبو هريرة والعباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم. وروي أيضا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفا وله حكم المرفوع.
وإذا كان بين السماء والأرض هذا البعد الشاسع, فلا يقول إن للأرض مدارا في بروج السماء, وأنها تقطعها كلها في السنة إلا من هو من أجهل الناس وأقلهم عقلا.
الوجه الرابع: أن المفسرين اختلفوا في تفسير البروج التي ذكرها الله تعالى في قوله: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} فقال مجاهد وسعيد بن جبير وأبو صالح والحسن وقتادة: هي الكواكب العظام. قال البغوي: مأخوذ من الظهور؛ يقال تبرجت المرأة, أي: ظهرت. وقال أيضا: سميت بروجا لظهورها. انتهى.