وكلام المفسرين في تفسير الرواسي والأوتاد بأنها وضعت على الأرض لإرسائها وتثبيتها كثير موجود في تفاسيرهم. وقد ذكرت جملة من ذلك في أول الصواعق الشديدة, فلتراجع هناك.
وإذا علم ما ذكرنا فالمودودي بين خطتين لا بد له من إحداهما. إما أن يقول بتغليط النبي صلى الله عليه وسلم حيث نص على استقرار الأرض لما ألقيت الجبال عليها. وتغليط علي وابن عباس رضي الله عنهم ومن ذكر بعدهم من التابعين ومن أشرنا إليهم من أئمة المفسرين الذين قرروا أن الرواسي إنما وضعت على الأرض وجعلت أوتاداً لها لتثبتها وتمنعها من الحركة.
وإما أن يرجع عن قوله: إنه يحق للإنسان أن يفسر الرواسي والأوتاد في ضوء ما اكتشفه من الأمور الكونية. وما قبله من الكلام الذي يفهم منه تجهيل من فسر الرواسي والأوتاد بأنها وضعت على الأرض لإرسائها وتثبيتها وأن نطاق معرفتهم وعلمهم بالأمور الكونية كان قاصرا عن نطاق معرفة أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم ومقلديهم من جهلة العصريين وعلمهم بالأمور الكونية.
الوجه الثالث: أن ما يزعمه فلاسفة الإفرنج من اكتشاف حركة الأرض ودورانها على نفسها وعلى الشمس. وما يزعمونه أيضا من الاكتشافات عن الشمس وثباتها وعن القمر والنجوم فكلها تخرصات وظنون كاذبة {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} وتسميتها ضوءًا من قلب الحقيقة. ومن قال: إنه يحق للإنسان أن يفسر شيئا من القرآن على ما يوافقها فقد فتح للملحدين باب الإلحاد في آيات الله وأغرى المحرفين للكلم عن مواضعه على التحريف.
وليعلم أن القول في القرآن بمجرد الرأي حرام شديد التحريم وقد ورد