وأما قوله: ومن قبل قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه ليس في الدين أمر ثابت يناقض أو يتناقض أو ينافي أمرا ثابتا في العقل أو الحس. وما قاله هو الحق.
فجوابه من وجهين: أحدهما: أن يقال: إن الطنطاوي إنما نقل كلام شيخ الإسلام بالمعنى فزاد فيه وغير أسلوبه. والمعروف من كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى قوله أن المعقول الصريح لا يمكن أن يخالف المنقول الصحيح. وتقرير قوله هذا أن نصوص الكتاب والسنة هي الأصل الذي يجب الرجوع إليه, وأن المعقولات تعرض على نصوص الكتاب والسنة, فما وافقها فهو معقول صريح معتبر, وما خالفها فهو فاسد يجب إطراحه.
الوجه الثاني: أن الطنطاوي قد استشهد بهذا الكلام في غير محله؛ لأنه قد توهم أن ما ذكره الصواف في رسالته فهو من الأمور الحسية والمسلمات البديهية التي يثبتها العقل. وليس الأمر على ما توهمه, بل إن الذي ذكره الصواف كله تخرصات وظنون كاذبة تنافي الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع سوى القول بكروية الأرض واستدارة الأفلاك. وقد نبهت على ما فيه من التخرصات والظنون الكاذبة في مواضعها من هذا الكتاب ولله الحمد والمنة.
فصل
وقد نشر الصواف في أول رسالته كلاما لوزير المعارف الشيخ بن عبدالله بن حسن آل الشيخ. ولمدير التعليم بمكة مصطفى عطار. وحيث إنه ليس في كلامهما تصريح بموافقة الصواف على ما قرره في كتابه من دوران الأرض وثبات الشمس وغير ذلك مما حشده فيه من تخرصات الإفرنج وظنونهم الكاذبة. وإنما كتبا إليه ما كتبا؛ لمناسبة خاصة, لا لتدعيم كتابه وتقريظه فضم كتابتهما إلى كتابه؛ ليتكثر بذلك ويجعله تأييدا لأقواله الباطلة