وروى ابن جرير أيضا عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه قال:«إن الله بدأ الخلق يوم الأحد فخلق الأرضين في الأحد والاثنين، وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء، وخلق السموات في الخميس والجمعة، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة فخلق فيها آدم على عجل، فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة» وهذا الأثر يدل على ما دل عليه الحديث قبله من تقدم خلق الأرض على خلق السموات.
وروى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد:«قال خلق الله الأرض قبل السماء، فلما خلقت ثار منها دخان فذلك قوله {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} فسواهن سبع سموات بعضهن فوق بعض، وسبع أرضين بعضهن فوق بعض».
وفي الآيات التي ذكرنا مع حديثي ابن عباس وعبد الله بن سلام رضي الله عنهم دليل على أن الأرض خلقت قبل السماء، وما فيها من الشمس والقمر والنجوم. وقد صرح مجاهد أن الأرض خلقت قبل السماء، وهو إنما تلقي التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وفي كل ما ذكرنا رد لما قررته نظرية "لابلاس" من أن الأرض والشمس ومختلف الكواكب والأجرام كانت سديمًا في القضاء وأن الأرض انفصلت عن هذا السديم، وبيان أنها نظرية فاسدة، لا كما يزعم الصواف أنها نظرية صحيحة.
وفي ذلك أيضا رد لما ذكره الألوسي في صفحة ٩٤ من كتابه الذي سماه "ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة" عن الفلاسفة المتأخرين أنهم ذهبوا إلى أن العالم كله كان قطعة واحدة فأصابته صدمة، فتفرق إلى ما يرى من الإجرام.