فإن قيل إن الشمس لا تزال طالعة على الأرض، ولكنها تطلع على جهة منها وتغرب عن الجهة الأخرى، فأين يكون مستقرها الذي إذا انتهت إليه سجدت واستأذنت في الرجوع من المشرق؟
فالجواب أن يقال حسب المسلم أن يؤمن بما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويعتقد أنه هو الحق، ولا يتكلف ما لا علم له به من تعيين الموضع الذي تسجد فيه الشمس بل يكل علم ذلك إلى عالم الغيب والشهادة.
وقد جاء في الصحيحين ومسند الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قول الله تعالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} قال «مستقرها تحت العرش».
فهذا المستقر الذي أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا انتهت إليه الشمس سجدت واستأذنت في الرجوع من المشرق فيؤذن لها، فإذا كان في آخر الزمان سجدت كما كانت تسجد فلم يقبل منها، واستأذنت في الرجوع من المشرق فلم يؤذن لها، يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها.
وقد قال ابن كثير رحمه الله تعالى في البداية والنهاية في الكلام على حديث أبي ذر رضي الله عنه وما جاء فيه من سجود الشمس ما ملخصه: لا يدل على أنها - أي الشمس - تصعد إلى فوق السموات من جهتنا حتى تسجد تحت العرش بل هي تغرب عن أعيننا وهي مستمرة في فلكها الذي هي فيه فإذا ذهبت فيه حتى تتوسطه وهو وقت نصف الليل فإنها تكون أبعد ما تكون من العرش لأنه مقبب من جهة وجه العالم، وهذا محل سجودها كما يناسبها، كما أنه أقرب ما يكون من العرش وقت الزوال من جهتنا، فإذا كانت في محل