سجودها استأذنت الرب جل جلاله في طلوعها من المشرق فيؤذن لنا فتبدو من جهة المشرق، وهي مع ذلك كارهة لعصاة بني آدم أن تطلع عليهم. فإذا كان الوقت الذي يريد الله طلوعها من جهة مغربها تسجد على عادتها وتستأذن في الطلوع من عادتها فلا يؤذن لها، فجاء أنها تسجد أيضا ثم تستأذن فلا يؤذن لها ثم تسجد فلا يؤذن لها، وتطول تلك الليلة فتقول: يا رب إن الفجر قد اقترب وإن المدى بعيد، فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها، فإذا رآها الناس آمنوا جميعا وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا. وفسروا بذلك قوله تعالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} قيل لوقتها الذي تؤمر فيه أن تطلع من مغربها، وقيل مستقرها موضعها الذي تسجد فيه تحت العرش، وقيل منتهى سيرها وهو آخر الدنيا.
قلت: والقول الثاني أظهر ويؤيده ما تقدم من رواية مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«أتدرون أين تذهب الشمس» الحديث.
قال ابن كثير:"وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} أي ليست مستقرة فعلى هذا تسجد وهي سائرة" انتهى.
وقال ابن العربي أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن.
قلت: إنما ينكر ذلك من يرتاب في صدق النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأما من لا يشك في صدقه ويعتقد أنه كما أخبر عنه بقوله {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فلا ينكر ذلك ولا يرتاب فيه.
الوجه الخامس: أن يقال من المزاعم الباطلة والتخرصات والظنون الكاذبة زعم الصواف وسلفه أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم أنهم اكتشفوا حركة