إيَّاي بالبعد عنك، وتكثيرِه عَلَيَّ الباطلَ عندك، فوجدتُ الهَرَبَ إلى حيث يمكنني فيه دفع ما يتخرَّصُه أَنْفَى للظِّنَّةِ عَنِّي، وبُعْدِي عمَّن لا يُؤمَن ظلمُه أولى بالاحتياط لنفسي".
وأما الموازنة بين المعاني فهي من ضروب النقد المعنوي، وإنما تعرِض بين المعنيين المتشابهين فصاعدًا، عند قصد التخيير لما يناسب منها، وكذلك تعرض بين طريقي أداء المعنى الواحد.
فمن الأول ما يعرض بين تشبيهِ وحيدِ عصرِه فضلاً وعلمًا بالمسك من بين الدِّمَاء، كما صنع أبو الطيب، أو بالذَّهَب من المعادن، كما ورد في الحديث، أو بالبَيْض من الدِّمَاء كما قيل في انتقاد بيت أبي الطيب. وطريقُ الموازنة في هذا النَّظَرُ إلى أنزه الأشياء وأقربِها لمحاسن الموصوف.
والثاني كالموازَنة بين أداء المعنى بالحقيقة أو بالمجاز، وبالتَّصْريح أو بالكناية -مثلاً- فقد ذكر الأصوليون والبيانيون مقاماتِ العدول عن الحقيقة إلى المجاز، ألا ترى أنَّ المجاز قد يَقبُح في مقام الجِدِّ