للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيرَ معتبَر، وإنما الداعي إليه الإكثارُ من الألفاظ أو التهويل بها، مثل قولهم: (من غير شَكٍّ ولا رَيْب)، وقول بعض مَنْ وَصَف العَفْو: (لاسِيَّما إذا عَظُم الجُرْمُ، وكَبُرَ الإثم، والملوك إنما تُؤْثَرُ عندهم الخِلالُ الحميدة، والخصال الشريفة السعيدة). ومثل زيادة حروفٍ لا حاجة إليها، كقول بعضهم: (مِنَ المعلوم وأنَّه كذا)، وقول بعضهم: (قَبِلَ بكذا)، فكلٌّ من (الواو) و (الباء) مَزِيدَةٌ عَبثًا.

تمرين:

كتب أبو إسحاق الصابئ في طالعة بعض مكاتيبه: "الحمد لله الذي لا تدركه الأعينُ بألحاظِها، ولا تحدُّه الألسنُ بألفاظِها، ولا تخلقُه العصور بمرورها، ولا تهرمُه الدهورُ بكُرُورِها"، ثم قال: "لم يرَ للكفر أثرًا إلا طمَسَه ومَحَاه، ولا رَسْمًا إلا أزالَه وعَفَّاه .. إلخ". فكل من الفقرتين الرابعة والسادسة عين معنى الثالثة والخامسة وكتب في بعض كتبه: "يسافرُ رأيُه وهو دَانٍ لم يَنْزَح، ويسيرُ تدبيرُه وهو ثَاوٍ لم يبرح". والفِقْرتان بمعنى واحد.

وكتب الصاحب بن عباد: "وصل كتابُك جامعًا من الفوائد أشدَّها للشكر استحقاقًا، وأتَمَّها للحَمْدِ استغراقًا، وتعرَّفْتُ من إحسان الله فيما وفَّر من سلامتِه، وهَيَّأه من كرامته، أنفسَ موهوبٍ ومطلوبٍ، وأحمدَ مرقوبٍ ومخطوب ... إلخ". وفي هذا ما يقرب من إعادة المعاني.

وقد شمل قولنا: (الاقتصاد) الذي هو في اللغة الأخذ بالعَدْل، ما يقابل ما وصفناه من الفُضُول، وذلك هو الإخلال بما يلزم من اللفظ لأداء المعنى، وهو عيبٌ إلا إذا كان مقصودًا لغرضٍ، كالألغاز،

<<  <   >  >>