للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخطيب]

يتعلق الكلام على الخطيب بأمرين:

أحدهما: شروطه. وثانيهما: عيوبُه. لتحصل من معرفتِهما ما يجبُ اتِّبَاعه، وما يتعين عليه تركُه.

أما شروطُه فكثيرةٌ: منها: ما يَرجِعُ إلى ذِهْنِه. ومنها: ما يرجع إلى ذاته.

فأما شروط الخطيب الراجعة إلى ذِهْنِه فقد أرجعها أرسطو في كتابه في الخطابة إلى ثلاثة أشياء -هي كالأصول لها-:

أولها: معرفة الأقوال التي يحصل بها الإقناع. وثانيها: معرفة الأخلاق والفضائل الذاتية. وثالثها: معرفة الانفعالات، ومِنْ أيِّ شيءٍ تكون. ونحن نزيدها رابعًا وهو قُوَّة البَدَاهة في استحضار المعاني.

أما الثلاثة الأُوَل فقد شرحها ابن رشد في تلخيص كتاب أرسطو بعض الشرح، ونحن نزيدها بيانا فنقول:

أما معرفة الأقوالِ المُقْنِعَة فالمراد بها معرفة الأَقْيِسَة الخطابيَّة، وذلك يحصل من التمييز بين الأقيسة الصحيحة، والكُلِّيات وجزئياتها، والصادق والكاذب، ومراتب أنواع الحُجَّة، وذلك مما دُوِّن له علمُ المنطق، ولا نريدُ معرفتَه بصناعة المنطق؛ إذ قد كان الخطباءُ خطباءَ قبل تدوينِه، ولا يزال الخطباءُ خطباءَ ومنهم من لم يخطُر المنطق بباله، وإنما المراد أن تكون له مَلَكَةُ التمييز، سواء حصلت تلك المَلَكَة من سلامة

<<  <   >  >>