ظَنَّ أصحابُها أنهم يتبعون فيها الفتح ابن خاقان الأندلسي صاحب (قلائد العِقْيَان) مع الغفلة عن الفَرْق بينهم وبينه، فإنَّ المُهِمَّ من غَرَضِه هو ذكرُ مُلَحِ المترجَم لهم في البلاغة والرِّقَّة، ووَصْفُ مجالسِ أنسِهم، فكان له العُذْر فيما التزمه من السَّجْع والصَّنْعَة، على أنهم لو كانوا أجادوا جَوْدَتَه لكان في الأمر بعضُ السُّلُوِّ، ولكنهم أهملوا هذا وأهملوا الترجمة، فلا تأخذ منهم إلا تَحْلياتٍ الله أعلم بمطابقتِها للواقع، وتكاد أن ترى المترجَم لهم متماثلين فيها.
وإنك لتنظر إلى مُنْشآت ابن الخطيب رحمه الله فتراها على عُلُوِّ كَعْبِها قد اشتملت على شيءٍ من السَّمَاجة الحاصِلة من الإطناب والإسهاب في كلِّ غرض، وكذلك تجد مثلَ ذلك في التقاليد التي أنشأها الكاتبُ الحسين بن أبي نماء كاتب الخليفة النَّاصر العباسي في أواخر القرن السادس (٥٧٥ - ٦٢٢ هـ) فلا يكاد يَصِل المطالع إلى المقصود من التقليد إلا وقد أَسْأَمَه النَّظَر، وخَسِئَ منه البَصَر.