كما لا غُنْيَة للخطيب عن معرفة أحوالِ الأمم ومحامِدهم ومَذَامِّهم؛ فإن ذلك مما يعرِض للخطيب، ويُعِينُه على التكلُّم في المجامع؛ ليأخذ من ذلك أمثالاً صالحةً أو تحذيراتٍ نافعةً، ولأنه يستعين به على تأييد أنصارِه أو الحَطِّ من أعدائهم، وقد حَضَر الخطيبُ خالد بن صفوان الأهتمي بمجلس أبي العباس السَّفَّاح، ففخر عليه ناسٌ من بَلْحارث بن كعب، وأكثروا في القول، فقال له السَّفَّاح: مالك لا تتكلم؟ فقال له: أخوالُ أمير المؤمنين وعَصَبَتُه. فقال له: فأنتم أعمامُ أمير المؤمنين وعَصَبَتُه. فقال خالد حينئذٍ: وما عسى أن أقول لقومٍ كانوا بين نَاسِجِ بُرْد، ودَابغِ جِلْد، وسَائِسِ قِرْد، وراكب عَرْدٍ (الحمار)، دَلَّ عليهم هدهد، وغَرَّقَتْهُم فأرة، ومَلَكتهم امرأة". أشار إلى أنهم من بقايا سَبَأ. وقد قال فيه مَكِّيُّ بن سَوَادَة -الشاعر، وجَمَع في شِعْره ما يلزمُ الخطيب-: