آخر كلامه ينقض أوله، وذلك أنه أثبت المعية الذاتية للخلق، وإثباتها يستلزم إثبات الحلول معهم في أمكنتهم، كما أن نفي الحلول مع الخلق يستلزم نفيَ المعية الذاتية لهم، وحيث إنَّ المردود عليه قد أثبت المعية الذاتية للخلق، ونفى الحلول معهم في أمكنتهم، فقد وقع في التناقُض، وإذًا فلا بد له من أحد أمرين: إمَّا أنْ يثبت المعية الذاتية للخلق والحلول معهم في أمكنتم، ويكون من الحلولية الذين يقولون: إنَّ الله بذاته فوق العالم وهو بذاته في كلِّ مكان، وإمَّا أنْ ينفي المعية الذاتية للخلق والحلول معهم في أمكنتهم، ويكون من أهل السنة والجماعة الذين قد أجمعوا على أنَّ الله - تعالى - مستوٍ على عرشه فوق جميع المخلوقات، وأنَّه - تعالى - مع عموم الخلق بالعلم والمشاهدة والسماع لأقوالهم وحركاتهم، وأنه يخص أنبياءه وأولياءه بمعية النصر والتأييد والكفاية، فليختر المردود عليه ما يناسبه من أحد الأمرين.
الوجه الثاني أن يقال: إنَّه ليس في كلام شيخ الإسلام وابن القيم والشنقيطي ما يؤيِّد زعم المردود عليه أنَّ معية الله لخلقه معية ذاتية، وإنَّما الذي في كلامهم إثباتُ معية العلم والقُدرة والإحاطة والسماع والرُّؤية لعموم الخلق، وإثبات معية النصر والتأييد والكفاية لأنبياء الله وأوليائه.