ولم أرَ أحدًا أثبتها سوى المردود عليه، وقد ذكرت قريبًا أنَّ مَن أثبت لله - تعالى - صفة لم ترد في القرآن ولا في السنة، فقوله: مردود عليه، وذكرت الدليل على ذلك مِنَ القرآن.
الوجه الثاني أنْ يقالَ: إنَّ كلامَ المردود عليه قد اشتمل على حقٍّ وباطل، فأمَّا الذي فيه من الحق، فهو إثباتُ عُلُو الله على خلقه واستوائه على عرشه على الوجه اللائق بجلاله، وأنَّ الاستواء لا يكيف ولا يتصور كيفيته، وأنَّ الله - تعالى - هو العليُّ بذاته وصفاته، وأنَّ علوه من صفاته الذاتية التي لا تنفكُّ عنها، وأنه مُحيط بكل شيء علمًا وقدرة وسمعًا وبصرًا وسلطانًا وتدبيرًا، وأنه ليس كمثله شيء وهو السميعُ البصير، ومن الحق فيه أيضًا تكفير وتضليل مَن زعم أن الله - تعالى - بذاته في كلِّ مكان، وتكذيب من نسب ذلك إلى أحد من سلف الأمة وأئمتها، وتنزيه الله - تعالى - عن الاختلاط بالخلق والحلول في أمكنتهم.
وأمَّا الذي فيه من الباطل، فهو إثبات المعية الذاتية لله مع خلقه، ولا يَخفى على من له علم وفهم أنَّ إثباتَ المعية الذاتية لله مع خلقه يستلزم الاختلاطَ بهم والحلول معهم في أمكنتهم، وهذا مما يَجب تنزيه الله عنه، وفيه من الباطل أيضًا زعمُه أنَّ المعية