للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهرة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقد وقع ما أخبر به" (١). وهذه الأحاديث خرجت منه عليه الصلاة والسلام مخرج الخبر عن وقوع ذلك الافتراق، وعلى سبيل الذم لمن يفعله، وليست على سبيل الإقرار به (٢).

وفي الوصايا العشر التي أمر اللَّه بها كل الأمم حذَّر سبحانه من التفرق في الدين، فقال سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. .} (٣)، "وهذه السبل تعم اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر أهل الملل وأهل البدع والضلالات من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام هذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد" (٤).

لقد كان لحب الدنيا والرئاسة والأثرة آثارها في تفرق المسلمين، بل وصل الحال ببعضهم إلى خيانة دينهم ووطنهم ومساندهم للأعداء سرًا وعلانيةً، مما أدى إلى استضعاف الأمة، وإلى إطالة عمر الاحتلال وتقويته، بل وتشجيعه على البقاء في ديار المسلمين والاستيلاء على المزيد، وإن خلا البلد من الاحتلال فإن وجود أمثال هؤلاء يؤدي إلى فرض الهيمنة والشروط السياسية وغيرها والتي تفوق في ضررها الاحتلال العسكري، فالموت إما أن يكون لأجل الحياة، وهو ما حث عليه القرآن من الجهاد لرد العدوان، وإما أن يكون لأجل استمرار الموت، وهو الموت في خدمة الاحتلال (٥)، كما نجحت القوى الحاقدة على الإسلام، في شق


(١) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٦/ ٢٢٠.
(٢) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: محمد حامد الفقي، مطبعة السنة المحمدية: القاهرة، ط ٢، ١٣٦٩ هـ، ١/ ٤٤.
(٣) سورة الأنعام، الآية [١٥٣].
(٤) الجامع لأحكام القرآن، ٧/ ١٣٨.
(٥) انظر: لماذا تأخر المسلمون، ولماذا تقدم غيرهم؟، الأمير شكيب أرسلان، دار البشير: القاهرة، ط ١، د. ت، ص ٦٠ - ٦١.

<<  <   >  >>