للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول أسباب الاستضعاف الداخلية]

الأسباب الداخلية التي أدت إلى استضعاف المسلمين متعددة ونعرض في هذا المبحث لأبرز الأسباب من خلال المطالب التالية:

[المطلب الأول انشقاق المسلمين وتفرقهم]

لقد أخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بافتراق الأمة إلى فرق محذرًا منه، كما أخبر أن افتراق هذه الأمة سيكون أعظم من افتراق الأمم التي قبلها من أهل الكتابين (اليهود والنصارى)، بل وأخبر عليه الصلاة والسلام بما هو أعظم من الافتراق، وهو الاحتذاء بالأمم الكافرة فيما وقعوا فيه من موبقات وكبائر، ومنبع ذلك التفرق في الدين هو اتباع الهوى، عن أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه، قلنا: يا رسول اللَّه اليهود والنصارى؟ قال: فمن!) (١).

وعن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول اللَّه؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي) (٢)، "والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر، وفي هذا معجزة


(١) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم: ٣٢٦٩، ومسلم، كتاب العلم، باب إتباع سنن اليهود والنصارى، رقم: ٢٦٦٩.
(٢) أخرجه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق الأمة، رقم: ٢٦٤١، وقال: "حديث حسن غريب"، والحاكم في المستدرك، رقم: ٤٤٤، ١/ ٢١٨. قال المناوي إسناده صحيح.

<<  <   >  >>