للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الفقهاء فلم يعبروا في كُتبهم عن هذا المعنى تحديدًا أي (تسليم المطلوبين) ولم يتعرضوا لمثل هذه المسألة، وإنما تعرضوا لمسألة أخرى مشابهة لهذه المسألة وهي مسألة اشتراط رد المسلم.

* * *

[المطلب الثانى أقوال الفقهاء في مسألة رد المسلم]

أولًا: اتفق الفقهاء على عدم جواز رد المسلمة لدولة كافرة وألحقوا بها من في حكمها كالصبي (١)؛ مستدلين بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (٢).

ثانيًا: اختلف الفقهاء في مسألة رد الرجل المسلم لدولة كافرة على أربعة أقوال:

القول الأول: جواز شرط رد الرجل المسلم وتضمينه المعاهدة مع الكفار، بشرط شدة الحاجة لذلك، وتعين المصلحة فيه، وقالوا: إن للمسلمين أن يأمروه سرًا بقتالهم والفرار منهم، وهو قول الحنابلة (٣)، واستدلوا بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شرط ذلك في صلح الحديبية، ووفى لهم به (٤).

القول الثاني: جواز شرط رد الرجل المسلم وتضمينه المعاهدة مع الكفار، إن طلبته عشيرته لا غيرها؛ لأنها تذب عنه وتحميه مع قوته في نفسه، فإن كان لا عشيرة له أو له عشيرة لا تحميه؛ فلا يرد لئلا يفتنوه، ويرد المطلوب إلى غير عشيرته إن كان يقدر على قهر


(١) انظر: فتح القدير، ٥/ ٤٦٠، والأم، ٤/ ٢٠٢، والبيان، ١٢/ ٣٢٤، وأسنى المطالب، ٤/ ٢٢٦، ونهاية المحتاج، ٨/ ١٠٩، والمغني، ٩/ ٢٤٢، والإنصاف، ٤/ ٢١٣.
(٢) سورة الممتحنة، من الآية [١٠].
(٣) انظر: الإنصاف، ٤/ ٢١٤، والفروع، ٦/ ٢٥٦.
(٤) المغني، ٩/ ٢٤١.

<<  <   >  >>