للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس الجهاد]

إن الآيات والأحاديث الواردة في الحث على الجهاد والأمر به وذكر فضائله متواترة، ولقد أمر اللَّه عز وجل المؤمنين بالجهاد لإنقاذ المستضعفين، فقال سبحانه: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (١)، والآية "حضت على الجهاد، وهو يتضمن تخليص المستضعفين من أيدي الكفرة المشركين الذين يسومونهم سوء العذاب، ويفتنونهم عن الدين فأوجب تعالى الجهاد؛ لإعلاء كلمته، وإظهار دينه، واستنقاذ المؤمنين الضعفاء من عباده، وإن كان في ذلك تلف النفوس" (٢)، فإن لم يتمكن المستضعفون من الجهاد فإن على بقية المسلمين نجدتهم وتخليصهم، قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٣)، "يريد إن دعوا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم، فذلك عليكم فرض، إلا على قوم بينكم وبينهم عهد فلا تقاتلوهم عليهم، يريد حتى يتم العهد أو ينبذ على سواء" (٤).

إن الجهاد من أهم وسائل دفع الاستضعاف، وإن عدم فرض القتال في المرحلة المكية لا يعني أن كُل مستضعف يلزمه الكف والإعراض عن الكفار، ولا يُباح له الجهاد في سبيل اللَّه، بل متى ما أمكن القيام بالجهاد واقتضت المصلحة القيام به، وغلب على الظن


(١) سورة النساء، الآية [٧٥].
(٢) الجامع لأحكام القرآن، ٥/ ٢٧٩.
(٣) سورة الأنفال، الآية [٧٢].
(٤) أَحْكَام الْقُرْآن لابن الْعَرَبِيّ، ٢/ ٤٣٩.

<<  <   >  >>