[المبحث الثالث تقدير الضرورة والحاجة يكون بالرجوع إلى أهل العلم]
سبق بيان تفاوت قدرات المستضعفين، وأن المستضعف فقيه نفسه فيما يعرض له من مسائل لم يرد فيها دليل أو حد في الشرع، إلا أن هذا الأمر ليس على إطلاقه بل هو مقيد عند تعذر الرجوع لأهل العلم لا سيما في القضايا العامة.
ونظرًا لكون الاستضعاف قد لا يكون أمرًا مقتصرًا على المستضعف، بل قد يكون واقعًا على الجماعة أو الدولة، لذا فينبغي التفريق بين المسائل المتصلة بأمور الجماعة أو الدولة وبين المسائل المتصلة بالأفراد فقط ولا تتعدى إلى سواهم، فتلك المسائل هي مسؤولية ولي الأمر، وتقديرها موكل إليه، بخلاف مسائل الأفراد فتقديرها يوكل إلى ديانتهم وقدرتهم على الصبر وعزيمتهم فيها (١).
وحتى مسائل الجماعة أو الدولة فإن تقدير تلك الضرورات أو الحاجيات والإفتاء فيها بما يناسبها من التصرفات لا يكون لأي أحد، بل مرد ذلك إلى أهل العلم، للبحث في تلك المسائل بالرجوع لنصوص الشريعة، وقواعد وأصول الفقه، ومقاصد الشريعة حتى تنضبط الأمور، ويظل ارتباط المسلمين قويًا بدينهم وكتابهم وسنة نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم-.
كما أن اتخاذ القرارات المؤثرة على مجموع الناس لا ينبغي أن يتولاها الأفراد إلا إن تم نصبهم لذلك الغرض من قبل الجماعة، كأن يكون مندوبًا أو ممثلًا عن الجالية الإسلامية، وعليه حينئذ الرجوع لأهل العلم لتقدير المصالح والمفاسد، وتقدير الضرورة أو الحاجة،