للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السادس الحدود عام الرمادة]

والمراد بالرمادة أي: الهلاك، ويقال: رمد القوم رمدًا هلكوا، وسُميت الرمادة بذلك؛ لأن الأرض كانت قد اغبرت من شدة الجدب، واسودت من قلة المطر حتى عاد لونها شبيها بالرماد، وكان الغبار يرتفع بين السماء والأرض كالرماد، واستمرت مدة ست سنين، وذلك في سنة ثمان عشرة (١).

وقد ورد عن عمر -رضي اللَّه عنه- قوله: (لا يُقطع في عذق ولا في عام سنة) (٢)، كما ورد عنه إسقاط الحد لوجود شبهة الاضطرار، وذلك لما سرق عبيد لعبد الرحمن بن حاطب (٣) بعيرًا فانتحروه فوجد عندهم جلده ورأسه، فرفع أمرهم إلى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- فأمر بقطعهم فمكثوا ساعة -وما نرى إلا أن قد فرغ من قطعهم- ثم قال عمر: (علي بهم، ثم قال لعبد الرحمن: واللَّه إني لأراك تستعملهم، ثم تجيعهم، وتسيء إليهم، حتى لو وجدوا ما


(١) انظر: لسان العرب، مادة: رمد، والاستذكار، ٨/ ٣٨٠، والمدونة الكبرى، ٣/ ٢٩، والبداية والنهاية، ٧/ ٥٧، ٧/ ٩٠، والجامع لأحكام القرآن، ١٨/ ١٥.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، ٥/ ٥٢١، رقم: ٢٨٥٨٦، وعبد الرزاق في المصنف، ١٠/ ٢٤٢، باب القطع في عام سنة، رقم: ١٨٩٨٩. العذق: العنقود من العنب، والعذق: النخلة بحملها، والمراد في عذق، أي: معلق في شجرتها معلقة لما تصرم؛ لأنه ما دام معلقا في الشجرة فليس في حرز. وعام سنة، أي: عام جدب، وشدة ومجاعة، انظر: الفائق، محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق: علي البجاوي، ومحمد أبو الفضل، دار المعرفة: لبنان، ط ٢، د. ت، ٢/ ٤٠٥، والنهاية في غريب الأثر، ٣/ ١٩٩، ٢/ ٤١٤، والعين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق: د. مهدي السامرائي، دار ومكتبة الهلال، ط ١، د. ت، ١/ ١٤٨.
(٣) عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي كنيته أبو يحيى، ذكره جماعة في الصحابة وهو ما صححه ابن حجر، وذكره البخاري ومسلم وابن سعد والجمهور في التابعين، وذكره بن سعد في الطبقة الأولى من أهل المدينة، وقال: كان ثقة قليل الحديث، مات ٦٨ هـ. انظر ترجمته: الإصابة في تمييز الصحابة، ٤/ ٢٩٦، ٥/ ٣٠، والاستيعاب في معرفة الأصحاب، ٢/ ٨٢٧، والطبقات الكبرى، ٥/ ٦٤.

<<  <   >  >>