الأسباب الخارجية التي أدت إلى استضعاف المسلمين متعددة ونعرض فى هذا المبحث لأبرز الأسباب من خلال المطالب التالية:
[المطلب الأول الاحتلال والاستعمار وما خلفه من آثار]
لقد تسابقت الدول الأوروبية إلى احتلال العالم الإسلامي أثناء وبعد سقوط الخلافة العثمانية، ومن أبرز هذه القوى الاستعمارية بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، فاستولت بريطانيا على مناطق، وفرنسا على أخرى، وإيطاليا على ثالثة، وروسيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وأسبانيا والبرتغال على مناطق أخرى، وكان من أخطر نتائج هذا الاحتلال تفتيت العالم الإسلامي إلى دويلات (١).
ولم تقتصر آثار الاستعمار على تقسيم العالم الإسلامي بل امتدت مخططاته للهدم لتطال كل شيء، وأول تلك الأمور العقيدة الإسلامية، فهو دائب على تخريج أجيال ملحدة، بإشاعة المنكر والفحشاء، وغايته القضاء على الإسلام في أوطانه، لقد التقت لديه الأحقاد الدينية مع الأطماع الدنيوية، وإن قسوة الاستعمار في الأماكن التي سيطر عليها كانت منسجمة مع قسوة الغربيين وجلافتهم وقرب عهدهم بالهمجية والتخلف، كما أن عقيدة الفداء ما تحدثه من آثار سلبية تزيد هذه الوحشية ضراوة عند النصارى عن غيرهم؛ لكونها تمنحهم الاعتقاد بالنجاة على الرغم من جرائمهم، إذ يكفي الإيمان بالمسيح لينجوا أو حتى الحصول على صك غفران، وعليه فهو لا يبالي بالوحشية والقسوة التي يتعامل بها مع الشعوب المستضعفة، ومع فقد النصرانية لوسائل الإقناع وعجز رجال الكنيسة عن
(١) حاضر العالم الإسلامي الواقع والتحديات، د. عفاف سيد صبرة، د. مصطفى محمد الحناوي، الرياض: مكتبة الرشد، ط ١، ١٤٢٤ هـ، ص ١٢٧ - ١٥١.